من شدة حزنها لاتستطيع البكاء.. هذه هي حالة الفنانة القديرة هند رستم التي تعافت مؤخراً من عملية في القلب أجرتها بعد أن رحل رفيق عمرها الذي عاشت معه أحلي سنوات حياتها ولسان حالها يقول لم تكن خمسين عاماً كافية لاعيش مع رجل مثل الملاك يدللها كأنها طفلة.. ويلبي كل طلباتها دون تردد.. أعطاها فأعطته لم تستحضر معه أنانيتها الإنسانية الإ مرة واحدة لم يعرف بها لانها حدثت بعد وفاته عندما تمنت أن تسبقه هي إلي العالم الآخر بدلاً من أن يسبقها.. حالة وصفتها هند رستم بالأنانية لكنها أنانية مقبولة بل ربما لا يصح أن يتم تسميتها بهذا الأسم. بين الذكريات تعيش هند رستم في بيتها في الزمالك الذي جمعها بزوجها الدكتور الراحل محمد فياض.. حدثينا معها بدأ بالأهم في حياتها ».محمد فياض« وتتطرق للأهم عند عشاق فنها وهو رحلتها مع الفن والنجومية ورأيها في الزواج وعمل المرأة وقضايا أخري في هذا الحوار.
أولاً حمد لله علي سلامتك ولكني استغرب استمرارك في التدخين
انا ممنوعة من التدخين ولكن هناك طبيب سمح لي بتدخين خمسة سجائر في اليوم فقط ووجدتها فرصة.. هو وجهة نظره أن دمي به نيكوتين وأن الامتناع بشكل كامل ليس سهلا ..
- هل لديك قدرة علي الالتزام بالسجائر الخمسة؟!
ابداً ولكني لا أدخن السيجارة كاملة كما انني ادخن مستخدمة لترين اعرف ان الضرر قائم لكنه في النهاية أخف الضررين.
نريد ان نطمئن علي صحتك بعد عملية القسطرة هل تمارسي حياتك بشكل طبيعي؟
سبق ان أجريت جراحة قلب مفتوح في امريكا منذ ٠١ سنوات.. وعدت طبيعية إلي أن تعرضت لصدمة وفاة زوجي د.محمد فياض فأصبت بما يشبه الذبحة مما استلزم عملية قسطرة.. انا حتي الآن غير مقتنعة بأنني فقدت زوجي لا أصدق ان هناك ٠٥ سنة من عمري ذهبت.. ابنتي وأصحابي يقولون لي لازم يكون عندك ايمان بالله.. انا مؤمنة بالله لكني لم استوعب ما حدث.. أعرف انه لايوجد انسان معصوم من الخطأ ما عدا هو ليس لانه زوجي لكنها الحقيقة كان بيته وأسرته أهم شيء في حياته لم يكن يفكر في عمل ثروة لم أسمعه حتي متضايق من شيء.. كان هادئاً تكاد لاتسمع صوته..
- ألا تذكرين مرة ثار بينكما خلاف من نوعية مايحدث بين الزوجين؟!
كنت أتمني علي الأقل كأن تذكري للخلافات يساعدني علي تحمل الحياة بعده انا لا أستطيع أن أذكر له ولو شيء بسيط كان يحمل شبهة إساءة لي.. عندما أطلب منه شيئاً لا يقول لي أفكر رده دائما طالما تعجبك اشتريها.. هو ترك لي ذكري مؤلمة.. لاتسعدني لأني كنت أتمني أن يكون هناك شيء سلبي واحد فعله معي لدرجة كنت اتمني ان أري ملامح وجهه عندما يحتد او يثور لم اشاهده ابداً غاضباً كنت اتمني ان افارقه انا ولايسبق ربما تكون هذه انانية مني أنا اعترف بهذا انا كنت طفلة يدللها حتي آخر لحظة في حياته.. وآخر مافعلته معه انني قبلته في العناية المركزة وقلت له »داد يلا نروح قال لي يلا« وتركته ليرحل بعدها بساعتين.
لم اسمعه طوال عمري يتحدث بطريقة سيئة عن اي انسان كان مثل الملاك بلا مبالغة.. كانوا يسمونه البرنس.. كان متفهما تماما لعملي يراعي ظروفه.
- ألم يكن يغار عليك؟
ولا انا رغم ان المعروف علي أنني غيورة وكان انيقا وسيما ومع ذلك لم تدخل بيننا اي غيرة كنت أحب دائماً ان يكون هو في أفضل صورة.
- وماذا عن الشائعات التي كانت تتردد ألم تكن تضايقه؟
هو يعرف انها شائعات لايصدقها كما انه لابد ان يكون هناك مساحة من الثقة بين الزوجين.
ألاحظ ان حزنك علي زوجك لم يتحول إلي دموع فما السبب؟
معروف عني أنني سريعة البكاء ولكن هذه أول مرة في حياتي لا أستطيع البكاء لم أبك حتي الآن وفكرت في الذهاب إلي طبيب نفسي لأن عدم البكاء مسألة تدعو للقلق كما قال لي أصدقاء.. ربما لا أريد أن أبكي رفضا من داخلي لفكرة أن رفيق عمري قد رحل وتركني وحدي لدرجة انني لم أزره في قبره لأنني لست مقتنعة بوفاته وأستغفر الله من هذا وانا أعلم ان الموت نهاية كل مخلوق.
- هل كان جزءاً من حبك له أنه كان يعامل أبنتك »بسنت« كأنها أبنته؟!
لكل الأسباب هو كان إنساناً بكل معني الكلمة.. هو كان شبه صديق لوالدها وكان يعاملها كابنته وابنها كأنه حفيده.. كان يفعل ذلك بكل حب ان يسعدني ويريحني ويلبي كل طلباتي.
- هل يكفي لسعادة المرأة أن يلبي لها زوجها كل ما تطلب ويعمل علي راحتها؟!
لابد أن تعمل هي الأخري علي راحته وأنا تزوجته عندما كان مدرساً في كلية الطب.. كنت في أشد لحظات سعادتي عندما يحقق نجاحاً كنت أفخر به كلما زاد مركزه إلي أن أصبح اسمه معروفاً علي مستوي العالم العربي كله.. كان المال آخر مايشغله.. أذكر ان سيدة طلبت من زوجها أن تلد عند فياض وحاول زوجها اقناعها ان التكلفة ستكون كبيرة لكنها تمسكت به وبعد ان تمت الولادة سأل زوجها فأخبره أنه موظف في شركة فطلب منه ٠٠٣ جنيه في وقت كان يحصل علي ٣ آلاف جنيه مراعاة لظروفه فقد كان يدرك ان الطب رسالة.
واتصور انه لو كان هناك كثيرون مثله لكانت الحياة أفضل كثيراً. ولم يكن يأخذ أجراً من شقيق أو قريب السيدة التي تلد عنده وكان يرفض وينتظر أن يأخذ من زوجها عند عودته.
- الم تكن نجوميتك في بعض الأحيان تضايقه ؟!
هو لم يطلب مني أبداً أن أترك التمثيل.. كان يحترم المرأة وبلا مبالغة كنت دائماً أشعر أنه أهم مني وأعلي بأخلاقه.. وطريقة معاملاته مع الناس.. كان مثقفا وهو يري الفن رسالة توجه الناس وتفيد المجتمع.
- معروف انك اعتزلت لتتفرغي لاسرتك وكانت هذه تضحية فهل هذا هو السبب الوحيد؟!
كان هناك إحساس آخر وهو ان السينما تغيرت شاركت في ثلاثة أفلام من انتاج زملاء لي ووجدت منهم من يأتي مواعيد التصوير كما يحلو له فقررت وقتها التوقف وقلت لنفسي .
- اني قمت بكل الادوار في وقت كانت السينما راقية وسألت نفسي ان كانت هذه هي البداية.
كيف تكون الأحوال بعد عدة سنوات.. وعرض علي اعمال كثيرة رفضتها منها مع يوسف شاهين دور »داليدا« في »اليوم السادس« الذي عرض بعد اعتذاري علي سعاد حسني وفيلم آخر مع كمال الشيخ وكان ردي الرفض التام والنهائي.
-ألم يكن اعتذارك تنبها منك لمسألة تقدمك في السن؟!
انا توقفت وكان عمري ٢٤ سنة ولامؤاخذة الآن هناك نجمات يقمن بدور طالبات في الجامعة في هذه السن بل وهن يقتربن من الستينات.. انا وافقت أن أقدم دور أم حسن يوسف في فيلمين »شفيقة القبطية« و»أمرأة علي الهامش« كان يكبرني هو ربما بعام أو عامين.. في وقت كان كثيرات يهربن من دور الأم.
- هناك نجوم كبار وافقوا علي الظهور ضيوف شرف في فيلم سينمائي هل يمكن ان تكررين تجربتهم؟
ارفض بلا تردد. والسؤال لماذا يعرض علي هذا هل يرغبون في أن يري الناس شكل هند رستم بعد ان تقدمت في السن.. فعلا انا كبرت وهذه سنة الحياة وانا لست من هؤلاء الذين يجرون عمليات تجميل لتأخير ظهور علامات الزمن وهؤلاء يجب ان نشكرهم لأنهن يعرضن انفسهن للموت من أجل جمهورهم.. وبصراحة الشيء الوحيد الذي ندمت عليه أني لم أقدم مسلسلا تليفزيونيا وهو عائلة شلش الذي كان من انتاج صلاح ذو الفقار رفضته لأنني اختلفت علي اجري..
- قيل وقتها انك رفضت العمل بأجر أقل مما كانت تحصل عليه فاتن حمامة ماتعليقك؟
ليس صحيحا انا طلبت اجراً فقيل لي ان فاتن حمامة تتقاضي اقل من هذا الأجر وكان ردي أني لا أقارن نفسي بأحد وفاتن ليست مقياسا وهي حرة تطلب ماتريد.. بعدها جاءني عرض أن أقدم مسلسلا في قناة عربية أختار النص والمخرج وأحصل علي الأجر الذي أريده.. ولكني رفضت متمسكة بأن عودتي يجب ان تكون في تليفزيون بلدي أولاً.. بعيداً عن كلام الأناشيد والوحدة.. وقيمتي تكون في بلدي أولا كما ضايقني أن يكون تقديري خارج بلدي أكبر. وانا معجبة جداً بالمسلسلات خاصة الجيدة ومتحيزة بشكل كامل لجيلي اتمني أن أري عملا لفاتن أو نادية أو ماجدة أو مديحة يسري.. هؤلاء قيمة كبيرة وعندما عاد بعضهن كأنهن يقلن نحن هنا مهما مرت السنين.
- ما سر قطيعة الدراما التليفزيونية طوال مشوارك؟
كان مرهقاً أعرف أنه يصور . بثلاث كاميرات وفي حالة الخطأ يعيد الممثلون الحلقة من جديد كانت مسألة صعبة تشبه المسرح الذي هربت منه وكان المتميزون في الدراما هم ممثلو لمسرح ربما اختلف الأمر وأصبح التصوير بكاميرا واحدة.
- حتي وقت قريب كنت تمارسين الرياضة
حتي وقت قريب كنت أمارس السباحة وركوب الخيل وان كنت قد توقفت عن ركوب الخيل من فترة.
- ماذا عن مشروع تسجيل مذكراتك في حلقات تليفزيونية؟!
ليس له أي أساس من الصحة أنا لايهمني أن يعرف الجمهور أنني كنت مصابة بالبرد في اليوم الفلاني كما أن هناك أسر لاتفضل ذلك.
- عفواً تاريخك مرتبط بفترة مهمة من تاريخ البلد أتصور أن هناك تماسا بين ما هو سياسي وفني في ذلك الوقت.
في النهاية هو مادة للتسلية ولا أحب أن يكون تاريخ حياتي مادة للتسلية ولو كتبت مثلا أن والدي كان يعمل كذا وجدي كان ستجد من يقول ياسلام كانت بنت الشهبندر ويأخذوا المسألة مادة للسخرية فما الذي يجبرني علي ذلك علي الأقل اوفر مصمصة الشفايف والتشكيك في رواياتي.
رغم ماتردد عن أن المبلغ الذي عرض عليك يصل الي مليوني دولار؟
هذا صحيح لكن المسألة ليست مادية فقد انفقت الكثير في حياتي.
- هل انت مسرفة؟
جداً.. وعلي طريقة هند رستم قالت: وحشة قوي.. أنا أقول هي حياة واحدة نعيشها.
أصولك تركية هل هناك مايربطك بتركيا الآن؟
عائلة والدي تركية وعائلة امي مصرية اسكندرانية منهم عرف جدعنة ولاد البلد ولكن من عائلة ابي كانوا رجعيين وأذكر النكتة التي كانت تقال علي التركي الذي اصبح فقيرا فخرج يتسول مع خادمة الذي كان ينادي سيدي فقير وانا أفقر منه فكان الباشا يرده قائلا بزمان بزمان حتي وهو فقير متمسك بالارستقراطية ويري نفسه من طبقة اخري ولايمكن جمعه بخادمة في أي شيء.
- هل ورث أحد من أقربائك هذا العرق التركي؟
لي شقيق وشقيقة
وكان لي ثالث غير شقيق استشهد في حرب اكتوبر.. أتصور أن هناك من أهلي من لديه العنجهية وانا تعرضت لانتقاد لأنني لست كذلك وأنني مسترجلة بينما أنا طبيعية وأحب أن أكون دائماً كذلك.
- كيف تأثرت باستشهاد شقيقك؟
شبابه الذي ضاع اكثر ما آلمني كان عمره ٢٢ أو ٣٢ وما قلل من حزني ان والدي رفض الحصول علي أي مكافأة أو تعويض وطلب بأن يتم تسمية الشارع باسمه وبالفعل تم تسمية الشارع باسمه الشهيد عادل رستم في الدقي.
- كنت تقولين أن المرأة بدون رجل لاتساوي شيئاً.. فهل مازلت تصرين علي ذلك؟
ومازلت أقول انها دونه لاتساوي مليماً.. وفعلا ضل راجل ولا ضل حيطة.. يتقدم الرجل خطوة هو في المقدمة اولا وان لم يكن في امكانه تكون بجانبه.. لانه رجل يتحمل..، صحيح انها نزلت للعمل لكن اضطراراً وهي عليه مرغمة؟.
- انت تؤمنين أن الشكل الأمثل للمرأة أن تكون في بيتها؟
أري أن مكان المرأة الطبيعي بيتها بلاشك دعك من دعاوي الحداثة والعصرية هل لابد أن أكون عاملة لأكون مثقفة.. هي قبل كل شيء أم صالحة ربت أبناءها وأنا ضد المتاجرة بمسألة أن عملها يحقق ذاتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق